الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد، فهذه فوائد وفرائد من مختصر صحيح الإمام البخاري للشيخ العلامة المحقق الألباني قيدتها لنفسي أثناء مطالعة الكتاب وأحببت نشرها. والكتاب اسمه: مختصر صحيح الإمام البخاري، لمؤلفه: أبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ) وناشره: مكتَبة المَعارف للنَّشْر والتوزيع، الرياض الطبعة: الأولى، 1422 هـ – 2002 م عدد الأجزاء: 4 عدد الصفحات: 775 صفحة
الباعث على الاختصار: ذكر الشيخ في مقدمته بأنه عندما دخل السجن في سوريا قام باختصار صحيح مسلم نظراً لأنه كان معه في السجن، واختصره في ثلاثة أشهر، فاقترح عليه بعض الفضلاء باختصار صحيح البخاري قبل طباعة مختصر صحيح مسلم، فاستحسن الشيخ الفكرة وقام باختصار البخاري، وأعد للطبع سنة 1394هـ. وفي نهاية المختصر قال رحمه الله: ” انتهى تسويد هذا المختصر المبارك إن شاء الله تعالى في مجالس عديدة أولها بتاريخ السادس من ربيع الأول سنة 1390هـ، وآخرها بعد عشاء الثامن والعشرين من شهر ذي الحجة سنة1390هـ من هجرة سيد المرسلين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. ثم انتهى إعداده للطبع أول نهار الإثنين السابع من ربيع الآخر سنة 1394هـ يسر الله تمام طبعه بمنه وكرمه أ.هـ.[1]، فهذا يعني أنه انتهى من اختصاره في عشرة أشهر، وهذا يدل على جلده وصبره، وأيضا حسن نيته وقصده فقد استجاب الله دعاءه فطبع الكتاب كله وبلغ الآفاق.
عمل المختصر في الكتاب: كتب الشيخ على غلاف الكتاب: “حوى جميع أحاديثه المرفوعة، والآثار الموقوفة؛ الموصولة منها والمعلقة، مع حذف الأسانيد والمكررات من المتون، وجمع إليها الزوائد من الروايات المحذوفة، ووضعت كل زيادة منها في مكانها المناسب لها من الأحاديث، بطريقة علمية لا مثيل لها فيما أعلم؛ جمعت كل فوائد الصحيح بإذن الله تعالى”. فطريقة الشيخ الألباني في مختصره كالتالي: أ . حذف الأسانيد والمكررات من المتون. ب جمع الروايات في مكان واحد. ج. تكلم على الأحاديث المعلقة صحة وضعفا، وأما الآثار فأحياناً. د . شرح الألفاظ الغريبة. هـ . ترقيم الأحاديث والآثار المسندة والمعلقة والأبواب والكتب. ميزات مختصر صحيح البخاري للألباني وقيمته العلمية: من أفضل المختصرات لصحيح الإمام البخاري، إن لم يكن أفضلها. طريقته العلمية في الكتاب وهي كما قال: ” طريقة علمية لا مثيل لها فيما أعلم جمعت كل فوائد الصحيح “، وصدق رحمه الله فجميع من خدم الصحيح جمعا أو اختصارا لم يأت بمثل هذا الجمع والاختصار، والعلم عند الله تعالى. مناسبته لجميع طبقات طلاب العلم من المبتدئين إلى المنتهين، أما عامة الناس فالذي يناسبهم مختصر صحيح البخاري للزبيدي أو مختصر الشيخ د. سعد الشثري وفقه الله. رتب البخاري كترتيب الإمام مسلم، وذلك بذكر جميع الروايات وزوائد الأحاديث المكررة في مكان واحد، وإدخل الروايات والطرق في سياق واحد حاصرا الألفاظ الزائدة بين قوسين، مما يعين القارئ على الإحاطة بجميع ألفاظ الصحيح دون عناء. يمتاز بالحكم على معلقات البخاري المرفوعة والموقوفة. علق الشيخ تعليقات نفيسة ومهمة على الكتاب. ميز بين الروايات والآثار المسندة والمعلقة، فالمسندة كتبت بخط كبير، والمعلقة بخط صغير فضلاً عن تعليقاته. ومجموع الأحاديث في الكتاب بعد اختصار الشيخ الألباني: [2752] حديثاً من أصل [7563] حديثاً.
ثناء العلماء عليه: قال شيخ الحنابلة في عصره العلامة عبد الله العقيل رحمه الله: ” قال لي الشيخ الألباني: أحب مصنفاتي عندي محتصري للبخاري. وكان إذا جاءه من يريد قراءة البخاري فقال له: إن كنت تريد الفائدة أكثر فاقرأ في مختصر الألباني لأنه يأتيك بالفوائد في مكان واحد، وتصل للفائدة مباشرة. أ. ه.[2] فهذا المختصر من أحب أعماله العلمية للشيخ الألباني -رحمه الله- كما ذكر ذلك عن نفسه[3]. وقال الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله: ” اختصار الألباني لــ (صحيح البخاري) أفضل من اختصار الزبيدي؛ لعنايته بتراجم الإمام البخاري. واختصار الشيخ سعد الشثري طيب؛ لعنايته بهذه التراجم، لكن يبقى أن الأصل -صحيح البخاري- لا يعدله شيء، والاقتصار على المختصرات من أمارات الحرمان “.[4] وقال الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري في مقدمة مختصره: ” مختصر صحيح البخاري للعلامة الألباني، وقد أدخل في الكتاب المعلقات وآثار الصحابة والتابعين المعلقة، مما ليس على شرط البخاري “. [5] تنبيه: تعليقات الألباني ميزتها بعبارة ” قال الشيخ”. وعلقت تعليقات لتمام الفائدة وضعتها في الحاشية. فوائد من مختصر صحيح البخاري (1) ” كتاب بدء الوحي وكتاب الإيمان “ 1. قال البخاري: ” وفَتَرَ الوحيُ، حتى حزِن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حُزناً غدَا منه مراراً كيْ يتَردَّى من رؤوس شواهِق…” قال الشيخ: القائل: ” فيما بلغنا ” هو ابن شهاب الزهري، وهو راوي أصل الحديث عن عروة بن الزبير عن عائشة، فقوله هذا يشعر بأن هذه الزيادة ليست على شرط “الصحيح “، لأنها من بلاغات الزهري، فليست موصولة، كما قال الحافظ في” الفتح “، فتنبه. وانظر كتابي “دفاع عن الحديث النبوي والسيرة” ص 40-42، ففيه بيان شاف كاف. كتاب بدء الوحي ص 17، 18 / 1. [6]
2. قال البخاري: الناموس: صاحب السر الذي يُطلعه بما يستره عن غيره. قال الشيخ: والمراد هنا جبريل عليه السلام. كتاب بدء الوحي ص 17، 18/ 1.
3. وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي: إن للإيمان فرائض وشرائع وحدودا وسننا فمن استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان فإن أعش فسأبينها لكم حتى تعملوا بها، وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص. قال الشيخ: وصلة ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان، وسنده صحيح، ورواه أحمد في الإيمان كما قال الحافظ. كتاب الإيمان ص 19/1
4. وقالَ ابن مسعودٍ: ” الْيقينُ: الإيمانُ كلُّه”. قال الشيخ: وصله الطبراني بسند صحيح عنه موقوفاً، وروي مرفوعاً، ولا يثبت؛ كما قال الحافظ. كتاب الإيمان ص 20/1. [7]
5. ” دعاؤكم” إيمانكم، لقوله تعالى: (قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم). ومعنى الدعاء في اللغة: الإيمان. كتاب الإيمان ص 20 / 1.
6. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” الإيمان بضع وستون شعبه، والحياء شعبة من الإيمان “. قال الشيخ: قلت ورواه مسلم وغيره بلفظ ” وسبعون ” وهو الراجح عندي تبعا للقاضي وغيره، كما بينته في الصحيحة (17). كتاب الإيمان ص 21 / 1
7. وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى: (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون): عن لا إلا إلا الله. قال الشيخ: قال الحافظ: منهم أنس رواه الترمذي وغيره مرفوعاً، وفي إسناده ضعف، ومنهم ابن عمر في تفسير الطبري والدعاء للطبراني ومنهم مجاهد في تفسير عبد الرزاق وغيره. وهو عند الترمذي مرفوع (3136) كما قال، وضعفه لأن فيه ليث بن أبي سليم، وكان قد اختلط. كتاب الايمان 25/1
8. عن أبي هريرة أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئل أيُّ الْعملِ أَفضلُ؟ قال: ” إِيمانٌ باللهِ ورسولهِ”، قيل: ثم ماذا؟ قال: ” الجهادُ في سبيل الله”، قيل: ثم ماذا؟ قال: ” حجٌّ مبرورٌ”. قال الشيخ: السائل هو أبو ذر الغفاري؛ كما قال الحافظ. (1/ 78). كتاب الإيمان ص26/1
9. قال أبوعبد الله: صالح بن كيسان أكبر من الزهري، وهو قد أدرك ابن عمر. قال الشيخ: يعني المذكور في بعض طرق الحديث. كتاب الايمان ص 27/ 1
10. باب الدَّينُ يُسْرٌ، وقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ” أَحَبُّ الدِّينِ إلى الله الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحة”. قال الشيخ: وصله المصنف في” الأدب المفرد” وغيرهما من حديث ابن عباس مرفوعاً، وهو حديث حسن لغيره، وليس كما قال الحافظ: إسناده حسن؛ كما بينته في “الأحاديث الصحيحة (881). كتاب الايمان ص 30/ 1
11. باب الصلاة من الإيمان، وقول الله تعالى: (وما كان الله ليضيع إيمانكم) . يعني: صَلاتَكم عند البيت. كتاب الإيمان ص 31 / 1
12. ” ويُذكَرُ عن الحسن: “ما خافَه إِلا مؤْمنٌ، ولا أَمِنَه إلا منافقٌ” قال الشيخ: وصله جعفر الفريابي في “صفة المنافق” من طرق متعددة بألفاظ مختلفة، وذلك يفيد صحته عنه، فكيف صدره المؤلف بقوله: ” ويُذكَرُ” المشعر بأنه ضعيف؟ أجاب الحافظ عن ذلك بما خلاصته أن المؤلف لا يخص صيغة التمريض بضعف الإسناد، بل إذا ذكر المتن بالمعنى أو اختصره أتى بها أيضاً. فافهم هذا، فإنه مهم. كتاب الإيمان ص35 /1.
13. عَنْ زُبَيْدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ الْمُرْجِئَةِ فَقَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ. قال الشيخ: هم فرقة من الفرق الضالة تقول: لايضر مع الإيمان معصية. كتاب الإيمان ص 35 / 1
————————— [1] (4/371). [2] موقع ملتقى أهل الحديث [3] ” علماء ومفكرون عرفتهم”. 2/ 308 [4] موقع الشيخ على الشبكة. [5] ص (5) الطبعة الأولى 1423هـ دار اشبيليا [6] يقول الدكتور أبو شهبة: ” وهذه الرواية ليست على شرط الصحيح؛ لأنها من البلاغات، وهي من قبيل المنقطع، والمنقطع من أنواع الضعيف، والبخاري لا يخرج إلا الأحاديث المسندة المتصلة برواية العدول الضابطين، ولعل البخاري ذكرها؛ لينبهنا إلى مخالفتها لما صح عنده من حديث بدء الوحي، الذي لم تذكر فيه هذه الزيادة. ولو أن هذه الرواية كانت صحيحة لأوّلناها تأويلًا مقبولًا، أما وهي على هذه الحالة فلا نكلف أنفسنا عناء البحث عن مخرج لها. وأيضًا فإن ما استفاض من سيرته صلى الله عليه وسلم يرد ذلك، فقد حدثت له حالات أثناء الدعوة إلى ربه أشد وأقسى من هذه الحالة، فما فكر في الانتحار بأن يلقي نفسه من شاهق جبل أو يبخع نفسه” أهـ. السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (1/ 265). [7] ” تنبيه: تعلَّق بهذا الأثر من يقول: إن الإيمان هو مجرد التصديق. وأُجيبَ بأن مراد ابن مسعود أن اليقين هو أصل الإيمان، فإذا أيقن القلب انبعثت الجوارح كلها للقاء الله بالأعمال الصالحة، حتى قال سفيان الثوري: “لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي؛ لطار اشتياقا إلى الجنة وهربًا من النار” اهـ. الفتح (1/63). |